{وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه} عند الذَّبح {وقد فصَّل} بيَّن {لكم ما حرَّم عليكم} في قوله: {حُرِّمت عليكم الميتة...} الآية. {إلاَّ ما اضطررتم إليه} دعتكم الضَّرورة إلى أكله ممَّا لا يحلُّ عند الاختيار {وإنَّ كثيراً ليضلون بأهوائهم} أَيْ: الذين يُحلُّون الميتة، ويناظرونكم في إحلالها ضلُّوا باتِّباع أهوائهم {بغير علمٍ} إنَّما يتَّبعون فيه الهوى، ولا بصيرة عندهم ولا علم {إنَّ ربك هو أعلم بالمعتدين} المتجاوزين الحلال إلى الحرام.{وذروا ظاهر الإِثم وباطنه} سرَّه وعلانيته، ثمَّ أوعد بالجزاء فقال: {إن الذين يكسبون الإِثم سيجزون بما كانوا يقترفون}.{ولا تأكلوا ممَّا لم يذكر اسم الله عليه} ممَّا لم يُذَكَّ ومات {وإنه} وإنَّ أكله {لفسقٌ} خروجٌ عن الحقِّ {وإنَّ الشياطين} يعني: إبليس وجنوده وسوسوا {إلى أوليائهم} من المشركين ليخاصموا محمداً وأصحابه في أكل الميتة {وإن أطعتموهم} في استحلال الميتة {إنكم لمشركون} لأنَّ مَنْ أحلَّ شيئاً ممَّا حرَّمه الله فهو مشركٌ.{أَوْ مَنْ كان ميتاً فأحييناه} ضالاًّ كافراً فهديناه {وجعلنا له نوراً} ديناً وإيماناً {يمشي به في الناس} مع المسلمين مُستضيئاً بما قذف الله في قلبه من نور الحكمة والإِيمان {كمَنْ مثله} كمَن هو {في الظلمات} في ظلمات الكفر والضَّلالة {ليس بخارجٍ منها} ليس بمؤمن أبداً. نزلت في أبي جهلٍ وحمزة بن عبد المطلب {كذلك} كما زُيِّن للمؤمنين الإِيمان {زين للكافرين ما كانوا يعملون} من عبادة الأصنام.{وكذلك جعلنا في كلِّ قرية أكابر مجرميها} يعني: كما أنَّ فسَّاق مكَّة أكابرها، كذلك جعلنا فسَّاق كلِّ قرية أكابرها. يعني: رؤساءَها ومترفيها {ليمكروا فيها} بصدِّ النَّاس عن الإِيمان {وما يمكرون إلاَّ بأنفسهم} لأنَّ وبال مكرهم يعود عليهم {وما يشعرون} أنَّهم يمكرون بها.{وإذا جاءتهم آية} ممَّا أطلع الله عليه نبيَّه عليه السَّلام ممَّا يخبرهم به {قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله} حتى يوحى إلينا ويأتينا جبريل فنصدِّق به، وذلك أنَّ كلَّ واحدٍ من القوم سأل أن يُخصَّ بالوحي، كما قال الله: {بل يريد كلُّ امرئ منهم أَنْ يُؤتى صحفاً مُنشَّرة} فقال الله سبحانه: {الله أعلم حيث يجعل رسالته} يعني: أنَّهم ليسوا بأهل لها، هو أعلم بمَنْ يختصُّ بالرِّسالة {سيصيب الذين أجرموا صغار} مذلَّةٌ وهوانٌ {عند الله} أَيْ: ثابت لهم عند الله ذلك.{فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإِسلام} يوسِّعْ قلبه ويفتحه ليقبل الإِسلام {ومن يرد أن يضلَّه يجعل صدره ضيقاً حرجاً} شديد الضِّيق {كأنما يصَّعد في السماء} إذا كُلَّف الإِيمان لشدَّته وثقله عليه {كذلك} مثل ما قصصنا عليك {يجعل الله الرجس} العذاب {على الذين لا يؤمنون}.